آخر الأحداث والمستجدات
صلاة الجمعة، حكمها وشروطها
تعتبر صلاة الجمعة من أهم شعائر الإسلام، قال اللّه سبحانه وتعالى: ]يا أيُّها الَّذينَ آمنُوا إذَا نُودِيَ للصَّـلاةِ مِنْ يومِ الجُمُعةِ فَاسْعَوا إِلى ذِكْرِ اللّه وذَرُوا البَيْعَ، ذَلِكُم خيرٌ لكُم إِنْ كُنتُمْ تَعْـلَمُونَ[ [الجمعة:9].
وجاء في الحديث عن الإمام الصادق عليه السلام: "ما مِنْ قَدَمٍ سَعَتْ إِلى الجُمُعةِ إلاَّ حَرَّمَ اللّه جَسَدها عَلَى النَّارِ".
وتحتل صلاة الجمعة موضع صلاة الظهر ضمن تفصيلات تأتي. وقد ميّز اللّه سبحانه وتعالى صلاة الجمعة عن سائر الصلوات اليومية بأنْ أوجب أداءها ضمن جماعة، وأمر بتوحيدها في كلّ منطقة، ولم يسمح بالتأخر عن حضورها إذا أقيمت إلاَّ لأعذار خاصة. وبذلك كانت صلاة الجمعة تعبّر عن اجتماع أسبوعي موسع لعامة المصلين والمؤمنين، يبدأ بالموعظة والتثقيف ضمن خطبتي صلاة الجمعة، وينتهي بالعبادة والتوجه إلى اللّه ضمن الصلاة نفسها.
وصورتها ركعتان كصلاة الصبح تماماً، إلاَّ أنَّ المصلي ينوي بها أن يصلي صلاة الجمعة قربة إلى اللّه تعالى، وتتميّز عن صلاة الصبح بأنَّ من المستحب فيها قنوتين: أحدهما قبل الركوع من الركعة الأولى والآخر بعد الركوع من الركعة الثانية.
شروط صلاة الجمعة:
لا تقع صلاة الجمعة صحيحة إلاَّ إذا أتي بها مستكملة لشروطها، وهي أمور:
الأول: أن تؤدى جماعة. وعليه فإنه يجب أن يتوفر في صلاة الجمعة، كلّ ما هو شرط لصحة صلاة الجماعة كما مرّ.
الثاني: أن لا يقل عدد المشتركين في جماعة الجمعة عن خمسة أحدهم الإمام، فإن لم يتواجد إلاَّ أربعة أو أقل لم تصح منهم صلاة الجمعة وصلوا صلاة الظهر، ولا يشترط فيهم أن يكونوا ممن وجبت عليهم صلاة الجمعة واجتمعت فيهم الشروط، بل يحسب من العدد مثل المرأة والمسافر والمريض لو حضروها.
الثالث: أن تسبقها خطبتان من قبل إمام صلاة الجمعة، وذلك بأن يقوم الإمام خطيباً، فيحمد اللّه، ويثني عليه، ويوصي بتقوى اللّه، ويقرأ سورة من الكتاب العزيز. وبعد ذلك يجلس قليلاً ثُمَّ يقوم خطيباً مرة ثانية، فيحمد اللّه ويثنى عليه، ويصلي على محمَّد وعلى أئمة المسلمين، ويستغفر للمؤمنين والمؤمنات، وبعد ذلك يبدأ بالصلاة. ويجب على الإمام في الخطبتين أن يرفع صوته على نحو يسمعه عدد من المأمومين، ولا يجب أن يكون غير القرآن من عناصر الخطبة باللغة العربية، وإن كان ذلك أحسن وأحوط استحباباً، وإذا كان المأمومون لا يفهمون اللغة العربية فعلى الإمام أن يعظهم باللغة التي يفهمونها.
ـ ينبغي في الخطبة الثانية، عند التحدّث عن تقوى اللّه تعالى، الدعوةُ إلى العدل والإحسان والوحدة والإصلاح بين النّاس والتعرّض لقضايا المجتمع العامة والمصيرية في شؤون السياسة والاقتصاد، وما يمسّ العالم الإسلامي من قضايا وأوضاع، ونحو ذلك مما يحرّك الوعي الشامل في الأمّة ويساهم في تثقيفها وتعريفها بمشاكلها وحلولها الناجعة، لتستطيع مواجهة التحدّيات من موقع الوعي الشامل، لأنَّ صلاة الجمعة تمثّل الصلاة العبادية الاجتماعية السياسية في فكر الإسلام وشريعته.
ـ يجب الإصغاء إلى الخطبتين على الأحوط، بل الأقوى، ويشمل ذلك جميع الخطبة لمن يفهم معناها، كذلك لا يجوز التكلّم أثناء الخطبة.
ـ يجب على الخطيب القيام عند إلقاء الخطبة، ولذلك لا بُدَّ من اختيار الخطيب القادر على القيام، فإن لم يتيسر جاز له إلقاؤها جالساً، فإنه عند العجز يسقط شرط القيام لا وجوب الصلاة.
ـ محل الخطبتين قبل صلاة الجمعة وبعد الزوال، فلا يشرع الإتيان بهما قبله ولو بجزءٍ منها
الرابع: أن لا تكون قد أقيمت صلاة جمعة أخرى في مكان آخر قريب من تلك الصلاة، ونريد بالمكان القريب هنا ما كانت المسافة فيه بين المكانين أقل من فرسخ، وهو عبارة عن خمسة كليومترات ونصف الكيلومتر تقريباً. وفي حالة وجود صلاتي جمعة على هذا النحو تبطلان معاً إذا كان الابتداء بإحداهما في نفس وقت الابتداء بالأخرى، وإذا كان الابتداء بإحداهما بعد الابتداء بالأخرى بطلت الصلاة المتأخرة فقط، ولكن إذا كانت إحدى الصلاتين باطلة لسبب من الأسباب فلا تضر بالصلاة الأخرى حينئذ، ويعتبر وجودها وعدمها سواء.
وعلى هذا الأساس صح القول بأنَّ من شروط صلاة الجمعة أن لا تسبقها ولا تقارنها في بدايتها صلاة جمعة أخرى في مكان قريب بالمعنى المتقدّم للمكان القريب. ولكن إذا تقارنت صلاتا جمعة في مكانين متقاربين دون أن تعلم جماعة كلّ من الصلاتين بالصلاة الأخرى وانتهتا في وقت واحد فكلتا الصلاتين صحيحة. وكذلك إذا بدأت إحداهما بعد ابتداء الأخرى بدون علم وانتهتا معاً في وقت واحد.
حكم صلاة الجمعة:
تجب إقامة صلاة الجمعة وجوباً تعينياً في حالة وجود سلطان عادل يمارس السلطة فعلاً بصورة مشروعة، ويقيم العدل بين الرعية، وهو الإمام المعصوم أو نائبه الخاص المنصوب من قبله.
وكذا تجب على نحو التعيين في حالة عدم توفر السلطان العادل.
فإن اختار خمسة من المكلّفين إقامة صلاة الجمعة، وكان فيهم شخص عادل يصلح أن يكون إمام جماعة، وجب عليهم أن يقدّموه ليخطب بهم ويصلي صلاة الجمعة, ووجب على سبيل الحتم والتعيين على المكلّفين بها الحضور والاشتراك في صلاة الجمعة، لأنَّ إقامتها نداء لصلاة الجمعة، وإذا نودي لصلاة الجمعة وجب السعي إلى ذكر اللّه.
ـ يستثنى من وجوب الحضور لصلاة الجمعة أشخاص
1. من كان في الحضور لصلاة الجمعة ضرر أو حرج ومشقة شديدة عليه. 2. المرأة. 3. المريض. 4. الأعمى. 5. الشيخ الكبير، كالرّجل الذي تجاوز السبعين. 6. المسافر سفراً يسوغ له التقصير في الصلاة. 7. من كان يبعد عن مكان صلاة الجمعة مسافة فرسخين، أي عشرة كيلومترات وأربعة أخماس الكيلومتر.
فهؤلاء يعذرون في عدم الحضور، ولكنَّهم إذا تكلّفوا وحضروا صحت منهم صلاة الجمعة. والبعيد إذا جاء إلى مكان الصلاة وجب عليه الاشتراك في صلاة الجمعة وصحت صلاته.
ـ إذا نودي لصلاة الجمعة على النحو الذي ذكرناه لم يجز لكلّ من يجب عليه الحضور أن يتشاغل عن ذلك ببيع وتجارة ونحو ذلك مما هو معيق عن أداء هذه الفريضة.
ـ لا يجوز لمن وجب عليه الحضور أن يسافر عند ظهر يوم الجمعة، إلاَّ إذا كان في سفره يمر على صلاة جمعة أخرى صحيحة يمكنه الالتحاق بها والاشتراك فيها قبل أن يفوت وقت صلاة الجمعة، فإنَّ له في هذه الحالة أن يسافر عند الظهر على أن يلتحق بالجمعة التي يمر بها في طريقه.
ـ كما يجب حضور الصلاة كذلك يجب حضور الخطبتين والإصغاء عند الحضور أيضاً، ولو تقاعس شخص عن السعي إلى صلاة الجمعة ففاتته الخطبة وأدرك الصلاة صحت منه.
ـ يبدأ وقت صلاة الجمعة عند الزوال، وهو الوقت الذي تنتصف فيه الشمس ظهراً في وسط السَّماء وتبدأ ميلها نحو الغرب، وينتهي عند وقت العصر الفلكي المعروف في التقاويم، وفترة ما بين الزوال والعصر تختلف طولاً وقصراً باختلاف الفصول.
هذا وإنه قد ذكر في كتب الأدعية والحديث مستحبات كثيرة ليوم الجمعة وصلاتها، فليراجعها الراغب فيها.
جمعة مباركة
الكاتب : | هيئة التحرير |
المصدر : | bayynat.org |
التاريخ : | 2013-04-19 12:39:04 |